استشراقيات

الهروي وفهرس المستشرقين في الحديث

     سمعتُ ذاتَ مرة من أحد الأفاضل حديثاً دارت رحاه على صنيعِ لفيفٍ من المستشرقين لــ(فهرست ألفاظ الحديث النبوي)، وذكرَ الفاضلُ أنهم ((أخذوا)) عملهم أو ((استلهموه)) من كتابٍ للإمام ((الهروي)) في نفس الباب، وهو المعروف بكتاب: (الغريبين).

      عَلِقَتْ في ذهني مقالةُ ذلك الفاضل، وأردتُ أن أبحث في عجالةٍ عن ترجمةٍ للإمام الهروي وأفتِّش، وأتتبع شأن كتابه ذاك وأُقمِّش، ببضاعةٍ مزجاه، وخاطرٍ كليل، وهمةٍ فاترة، عسى الله أن يَـمُنَّ علينا بالرضوان، ويمحو الزلل والنسيان، إذ هو مقصودنا لا رب سواه.

    (1) اسمـه: وثناءُ الذهبي وابن خلكان عليه:

– قال الذهبي في: (سير أعلام النبلاء[1]):

      “أبو عبيد الهروي”: العلامة أبو عبيد أحمد بن محمد بن محمد بن عبد الرحمن الهروي الشافعي اللغوي المؤدب (صاحب الغريبين)، أخذ علم اللسان عن الأزهري وغيره ويقال له الفاشاني وفاشان بفاء مشوبة بباء، قرية من أعمال هراة. وقد ذكره أبو عمرو بن الصلاح في (طبقات الشافعية) فقال: روى الحديث عن أحمد بن محمد بن ياسين وأبي إسحاق أحمد بن محمد بن يونس البزاز الحافظ حدث عنه أبو عثمان الصابوني وأبو عمر عبد الواحد بن أحمد المليحي بــ(كتاب الغريبين) قلت: توفي في سادس رجب سنة إحدى وأربع مئة (401هـ) قال ابن خلكان: “سار كتابه في الآفاق وهو من الكتب النافعة…” أ.هــــ.

   (2)   ذكر من أثبتوا للهروي كتاب: ((الغريبين )):

1) التاج السبكي الشافعي في: (طبقات الشافعية الكبرى[2]):

– قال:”أحمد بن محمد بن عبد الرحمن أبو عبيد الهروي صاحب: الغريبين في لغة القرآن ولغة الحديث… “أ.هـــ.

2) الذهبي في: (سير أعلام النبلاء[3]):

– فقال:”العلامة أبو عبيد أحمد بن محمد الهروي صاحب الغريبين” أ.هـــــ.

3) ياقوت الحموي في: (معجم البلدان[4]):

قال:”أبو عبيد أحمد بن محمد الهروي صاحب كتاب الغريبين”أ.هـــ.

4) حاجي خليفة في: ( كشف الظنون[5]):

قال:”الغريبين: يعنى غريب القرآن والحديث لأبي عبيد أحمد بن محمد بن محمد الهروي المتوفى سنة 401هـ)أ.هــــ.

5) ابن خلكان فيما نقله عنه الإمام الذهبي في: (سير أعلام النبلاء[6]):

قال:”قال ابن خلكان سار كتابه يعني: الغريبين – في الآفاق وهو من الكتب النافعة…”أ.هـــــ.

6) الإمام ابن قاضي شهبة في: (طبقات الشافعية[7]):

قال بعد ذكر اسمه:”الغريبين في القرآن والحديث وهو من الكتب النافعة السائرة المشهورة…”أ.هـــــ.

 (3)     قصة كتــــــــــاب الغريبين: يحكي حاجي خليفة في: ( كشف الظنون[8]) – قصة الكتاب -:فيقول:

“فلما كان زمان أبى عبيد أحمد بن محمد الهروي المتوفى سنة 401هــ إحدى وأربعمائة صاحب الأزهري وكان في زمن الخطابي توفى سنة 401هــ صنف كتابه المشهور في:(الجمع بين غريبى القرآن والحديث)، ((ورتبه على حروف المعجم على وضع لم يُسبق فيه))، وجمع ما في كتب من تقدمه فجاء جامعاً في الحُسن إلا أنه جاء الحديث مفرقاً في حروف كلماته ((فانتشر فصار هو العمدة فيه وما زال الناس بعده يتبعون أثره)) . إلى عهد أبى القاسم محمود بن عمر الزمخشري فصنف:(الفائق) . ورتبه على وضع اختاره مقفى على حروف المعجم، ولكن في العثور على طلب الحديث منه كُلفة ومشقة لأنه جمع في التقفية بين إيراد الحديث مسروداً جميعه أو أكثره ثم شرح ما فيه من غريب فيجيء شرح كل كلمة غريبة يشتمل عليها ذلك الحديث في حرف واحد فترد الكلمة في غير حروفها وإذا طلبها الإنسان تعب حتى يجدها ((فكان كتاب الهروي أقرب متناولا وأسهل مأخذاً)).

وصنف الحافظ أبو موسى محمد بن أبى بكر الأصفهاني فيه كتاباً جمع فيه ما فات الهروي من غريب القرآن والحديث يناسبه قدراً وفائدة…”[9]أ.هــ.

 (4)     طريقة الهروي في كتابه:( الغريبين ):

1) رتبه على حروف المعجم.

2)  يبدأ فيه بتفسير غريب القرآن، ثم غريب الحديث، ثم غريب الآثار عن الصحابة فالتابعين .

3) يأخذ من الآية، والحديث الجزء المشتمل على الكلمة الغريبة، فيفسره، فإن اشتمل الحديث على أكثر من كلمة غريبة فرقه على المواد، ثم يفسر كل كلمة في مكانها – وهكذا سار. –

 (5)    ذكر بعض من نقل عن كتاب الهروي :

 – وهم كثيرون، فمنهم على سبيل الذكر لا الحصر:

1)  النووي في: (شرح صحيح مسلم)، ( 1/172- وغيرها).

2) ابن منظور في : ( لسان العرب )، (1/77-وغيرها).

3) ابن حجر في : ( فتح الباري )، (1/65- وغيرها)، وفي : ( التلخيص الحبير)، (1/33- وغيرها).

4) ابن فرحون المالكي في: ( الديباج المذهب )، (1/176- وغيرها).

5) ابن الملقن في : (خلاصة البدر المنير)، (1/45- وغيرها).

6) الحطاب المالكي في: ( مواهب الجليل)، (6/ 379- وغيرها).

7) المباركفوري في: (تحفة الأحوذي)، (2/323- وغيرها).

8) شمس الحق العظيم آبادي في: ( عون المعبود) ( 2/5- وغيرها).

9) ابن الجوزي الحنبلي في:  ( غريب الحديث) (1/4).

 (6)    اهتـــــــمام العلماء بكتاب الهروي (الغريبين):

         – من قام باختصاره:

“اختصره أبو المكارم الوزير على بن محمد النحوي المتوفى سنة 561 إحدى وستين وخمسمائة”. كما قاله حاجي خليفة في : ( كشف الظنون[10]).

         – من استفاد من كتاب الهروي وبنى عليه أو زاد:

– “وعليه زيادة لمحمد بن علي الغساني المالقي المعروف بابن عسكر المتوفى سنة 636هـ ست وثلاثين وستمائة. سماه: (المشرع الروى في الزيادة على غريب الهروي).  

– وصنف الحافظ محمد بن عمر الأصبهاني المديني المتوفى سنة 581هــ إحدى وثمانين وخمسمائة. تتمة وتكملة له، وله كتاب آخر في: (هفوات كتاب الغريبين)” أ.هــــــــــ. كما قاله حاجي خليفة في : ( كشف الظنون[11]).

– وقال حاجي خليفة في: (كشف الظنون[12]):”(النهاية في غريب الحديث): وهي مجلدات للشيخ الإمام أبي السعادات مبارك بن أبي الكريم محمد المعروف بابن الأثير الجزري المتوفى سنة 606 هـ ست وستمائة أخذه من الغريبين للهروى“أ.هـــ.

– وذكر محمود الطِّناحي أن (غريب الحديث لـ ابن الجوزي) مسلوخٌ من الغريبين لأبي عبيد الهروي.

     (7) طبعة الكتاب:

  • كتاب: ( الغريبين: غريب القرآن والحديث) لـ أبي عبيد الهروي (ت: 401 هــ).
  • رواية: أبي سعد الماليني أحمد بن محمد الشافعي ( ت: 412 هـ).
  • تحقيق: محمود محمد الطناحي.
  • القاهرة: 1390هــ / 1970م.
  • مصر: المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، لجنة إحياء التراث الإسلامي. 

وأخيراً:      فإن كتاب الهروي قد سبقته كتبٌ في تتبع الألفاظ القرآنية والنبوية التي قد تغيب معانيها عن الدارسين فضلا عن عوام الناس، لكن تلك الكتب لم تنل شهرة كتاب الهروي-ما عدا كتاب: الغريب المصنف لأبي عبيد القاسم بن سلام الهروي-، ثم إن كتابه شامل لغريب الحديث والأثر، وكتاب (المعجم المفهرس) مقتصرٌ على على الأثر، لكنه شامل في بابه، مفيدٌ في زمانه.

     وتبقى مسألة استلهام المستشرقين أو اقتباسهم من كتاب الهروي أو غيره من مصنفي كتب الغريب واردة، إلا أن تقصي مدى التأثر يحتاج إلى دراسة وصفية استقصائية تصدق تلك الدعوى أو تدحضها.  

والله أعلم.

 

 كتبه: أحمد الحمدي

1427/2/8هـ.
6/مارس/ 2006م.

  • ملاحظة:
  • هذا مقال قديم، لم أتصرف فيه بالتعديل كثيراً.

_______________________________

  • إحالات:

[1]  ط، الرسالة، تحقيق: الأرناؤوط. (ج17/ص146- 147).

[2]  (ج4/ص84).

[3]  (ج17/ص149 وكذلك في : ( 16/ 216) .

[4] (ج1/ص322).

[5] (ج2/ص1209).

[6] (ج17/ص146- 147).

[7] (ج2/ص175).

[8] (ج2/ص1206).

[9] وبنصه كذلك القنوجي في: (أبجد العلوم 2/390).

[10] (ج2/ص:1209).

[11]  (ج2/ص:1209).

[12]  (ج2/ص1989).

مشاركة هذه التدوينة
Share on email
Email
Share on whatsapp
Whatsapp
Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on print
Print
تقييم المقالة
1 (لا توجد تقييمات حتى الان)
Loading...
قد يعجبك أيضًا
مقاصد الثـقافة في كتاب (رسالة في الطريق إلى ثقافتنا) لمحمود محمد شاكر
العقل التساؤلي: تجربة جفري لانج مع الإيمان
الاستشراق السوسيوتاريخي: يوليوس ﭬـلهاوزن نموذجًا

أكتب تعليق

تعليقك*

اسمك *
موقعك الإلكتروني